اللعب يُعد عنصرًا مهمًا في تنمية الأطفال التوحديين اجتماعيًا، حيث يساهم في تعزيز ثقتهم بأنفسهم ويوفر وسيلة للتواصل مع الآخرين في محيط الأسرة، المدرسة، والملعب. ويمنح الطفل المصاب بالتوحد القدرة على تحقيق الاستقلالية.
اللعب يعتبر من الاحتياجات الأساسية للطفل، فهو يمثل أحد أهم سمات الطفولة. إنه المحرك الرئيسي لعملية النضج واكتشاف الذات، حيث يساعد الطفل في فهم العالم المحيط به وتنمية قدراته، كما يُعتبر أداة فعالة في النمو الجسدي والعقلي، ويُستخدم كوسيلة للتعبير عن الذات والتحرر من التمركز حول الذات.
العلاج باللعب هو أسلوب شائع في مجال الطفولة، حيث يعتمد على أسس نفسية متوافقة مع مراحل النمو التي يمر بها الطفل، مما يجعله مفيدًا في تعليم الطفل وتشخيص مشكلاته وعلاج اضطراباته. وبالنسبة للطفل التوحدي، الذي يعاني من قصور في التواصل والتفاعل الاجتماعي، يُعد اللعب وسيلة مثالية للتخفيف من تلك الأعراض.
أهمية اللعب في تطوير التواصل الاجتماعي للأطفال التوحديين
اللعب يعتبر وسيلة تربوية فعّالة لتشكيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة، حيث يُستخدم لضبط سلوك الطفل وتوجيهه، ويعزز النمو الجسدي والعقلي والاجتماعي المتكامل. يُستخدم اللعب أيضًا كأداة للتنفيس الانفعالي، ما يساعد الطفل على التخلص من التوترات الناشئة عن الصراعات والإحباطات.
يساهم اللعب في إشباع حاجات الطفل المتنوعة، مثل حاجته للعب نفسه، والسيطرة على بيئته، والاستقلال، والتعبير عن مشاعره. كما يعزز اللعب التواصل الاجتماعي ويساعد الطفل على تطوير مهاراته الاجتماعية في جو مرح وممتع.
دور الأسرة والمدرسة في دعم العلاج باللعب
تُعد الأسرة والمدرسة جزءًا أساسيًا في دعم الطفل التوحدي من خلال العلاج باللعب، حيث يساعدهم على تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية. يُفضل أن يتم التعرف على قدرات وميول الطفل التوحدي قبل اختيار الألعاب المناسبة لضمان تقديم تجربة لعب مفيدة وآمنة. كما يجب مراعاة أي إعاقات جسدية قد تؤثر على قدرة الطفل على التفاعل مع الألعاب.
يجب أيضًا أن تُستقر العوامل الإيجابية والمعززات التي تدعم الطفل خلال اللعب، مثل الألعاب التي تُعنى بتحسين المهارات الحركية والاجتماعية. تعد الألعاب التفاعلية مثل شد الحبل، قذف الكرة، أو تركيب القطع من الأمثلة على الأنشطة التي تنمي مهارات الطفل الحركية والاجتماعية وتساعده في تحسين تفاعله مع الآخرين.
لماذا اللعب مهم للطفل التوحدي؟
اللعب هو الوسيلة الأمثل لتعزيز التواصل بين الطفل التوحدي ووالديه أو معلميه. يساعد اللعب الطفل على الشعور بالقبول والثقة بالنفس، مما يمهد الطريق نحو التواصل مع العالم الخارجي. كما يُساهم في إخراج انفعالات الطفل المختلفة مثل الخوف والقلق، ويجعله أكثر استعدادًا لاكتساب مهارات التواصل اللغوي.
يمكن تقسيم فترات اللعب إلى ثلاثة أنواع:
- اللعب الموجه: حيث يتم اللعب بهدف تعليم الطفل مهارة محددة.
- اللعب الحر: يتم السماح للطفل باللعب بمفرده دون توجيه، مما يسمح بمراقبة سلوكه عن بعد.
- اللعب التفاعلي: يشترك الطفل في اللعب مع مجموعة لتنمية مهاراته التفاعلية مع أقرانه.
دراسات استخدمت العلاج باللعب لتنمية مهارات التواصل للأطفال التوحديين
دراسة Veenstra, Baukje; van Geert, Paul L.C; van der Meulen, Bieuwe F.
هدفت الدراسة إلى استخدام الماوس في ألعاب الكمبيوتر التعليمية لتحسين سلوك الأطفال التوحديين والأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. اعتمد الباحثون على دراسة حالة استكشافية متعددة للتعرف على كيفية استخدام لعبة كمبيوتر ترتكز على تحسين السلوك كأداة لتقييم وتحسين قدرة الأطفال التوحديين على استخدام الماوس في وقت محدد. وبلغ عدد عينة الدراسة 18 طفلًا توحديًا تتراوح أعمارهم بين 3.5 و3.8 سنوات، وأظهرت النتائج تحسنًا في قدرة الأطفال على الانتباه والتركيز واستخدام الماوس بشكل صحيح بعد عدة محاولات.
دراسة Blum-Dimaya, Alyssa; Reeve, Sharon A; et, al
هدفت الدراسة إلى تعليم الأطفال التوحديين كيفية اللعب بألعاب الفيديو باستخدام جداول النشاط ونماذج المحاكاة لتنمية مهارات التواصل الاجتماعي والمهارات الحياتية. تكونت العينة من 4 أطفال توحديين، وتم تدريبهم على استخدام ألعاب الفيديو مثل "جيتار هيرو" لتعلم العزف على الجيتار. تضمنت الدراسة عدة مراحل منها وضع جدول زمني لإعداد النشاط، واستخدام الفيديو كأداة تعليمية. أظهرت النتائج نجاح الأطفال في تعلم العزف على الجيتار وتأليف مقطوعات موسيقية جديدة.
دراسة Tanaka, James W; Wolf, Julie M; Klaiman
ركزت هذه الدراسة على استخدام ألعاب الكمبيوتر التعليمية في تعليم الأطفال التوحديين مهارات التعرف على تعبيرات الوجه. استهدفت العينة 37 طفلًا توحديًا، وتم تطبيق برنامج يتضمن سبع ألعاب تفاعلية تساعد الأطفال على تمييز تعبيرات الوجه مثل تغيرات منطقة العين والفم. أشارت النتائج إلى أن البرنامج ساعد على تحسين قدرة الأطفال على التعرف على تعبيرات الوجه، وقد أثبت البرنامج فاعليته من حيث تكلفته المنخفضة ومرونته في تلبية احتياجات الأطفال التوحديين.
دراسة Khandaker, Mitu
هدفت الدراسة إلى تصميم ألعاب فيديو لدعم المهارات الاجتماعية والعاطفية للمراهقين التوحديين، حيث أن التوحد يشمل اضطرابات عصبية وتنموية متعددة. استخدمت الدراسة تقنيات الحوسبة الوجدانية وأجهزة الاستشعار العاطفي مثل تعبيرات الوجه ومعدل ضربات القلب لتحليل التفاعلات. وأظهرت النتائج أن الألعاب الاجتماعية الإلكترونية تساهم في تحسين المهارات الاجتماعية والعاطفية لدى المراهقين التوحديين.
دراسة Stokes, Elizabeth
تناولت هذه الدراسة تطوير الألعاب التعليمية متعددة الوسائط للأطفال التوحديين، وركزت على تصميم ألعاب مخصصة لتنمية مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي لدى الأطفال. وبيّنت النتائج أن استخدام الألعاب الإلكترونية متعددة الوسائط في البرامج العلاجية يساهم بشكل كبير في تحسين التواصل الاجتماعي وتفاعل الأطفال مع البيئة المحيطة.
دراسة Scholl, Marlene N.
استهدفت هذه الدراسة استخدام الألعاب الكمبيوترية الديناميكية لتنمية المهارات الاجتماعية للأطفال التوحديين. وركّزت على مدى فعالية هذه الألعاب في تحسين المهارات الاجتماعية والتعاونية للأطفال، وخاصةً في اللعب مع أقرانهم العاديين. أشارت النتائج إلى أن الألعاب ساعدت في تحسين التواصل الاجتماعي والمشاركة الفعالة بين الأطفال التوحديين وأقرانهم.
دراسة Grynszpan, Ouriel
هذه الدراسة استكشفت تصميم واجهات الكمبيوتر التعليمية للأطفال التوحديين. ركزت الدراسة على استهداف مجالات التعلم وتفاعل الأطفال مع الألعاب الإلكترونية، وأشارت النتائج إلى أن الأطفال التوحديين أظهروا تحسنًا ملحوظًا في مهارات التواصل بعد فترة من التدريب عبر الألعاب التفاعلية.
دراسة Ball, James (1996)
هدفت هذه الدراسة إلى تقييم أثر التدخلات العلاجية باستخدام أقران طبيعيين على تحسين التفاعلات الاجتماعية للأطفال التوحديين. تكونت العينة من 8 أطفال توحديين في مرحلة ما قبل المدرسة، حيث تم دمجهم مع أطفال عاديين بنفس الفئة العمرية. شملت الدراسة برنامجًا لتنمية مهارات التواصل، واللعب التخيلي، والمهارات الاجتماعية. وأظهرت النتائج تحسنًا كبيرًا في مهارات التواصل والمهارات الاجتماعية والتخيّلية، فضلًا عن تحسن الأداء الأكاديمي لدى معظم أفراد العينة.
دراسة إسماعيل محمد بدر (1997)
هدفت الدراسة إلى استكشاف مدى فعالية برنامج "العلاج بالحياة اليومية" في تحسين حالات الأطفال ذوي التوحد. اعتمد البرنامج على خمسة مبادئ أساسية تتضمن التعليم الجماعي، الأنشطة الروتينية، التعليم بالتقليد، وتقنيات خفض السلوكيات غير الهادفة. تكونت العينة من 4 أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و8 سنوات، وأظهرت النتائج فاعلية هذا البرنامج في تحسين الأداء اللغوي والاجتماعي للأطفال المشاركين.
دراسة Roeyers, H (1999)
استهدفت هذه الدراسة تحسين التفاعل الاجتماعي والانفعالي للأطفال التوحديين من خلال دمجهم مع أطفال أسوياء. تكونت العينة من 85 طفلًا توحديًا و85 طفلًا عاديًا. تم تقسيم العينة إلى مجموعتين، إحداهما ضابطة لم تتلقَ البرنامج، وأخرى تجريبية تم دمجها مع الأطفال العاديين في سياقات اللعب. أظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في التفاعل الاجتماعي والانفعالي لدى الأطفال التوحديين الذين شاركوا في البرنامج.
دراسة سهى أحمد أمين (2001)
هدفت هذه الدراسة إلى تقييم فاعلية برنامج علاجي لتنمية الاتصال اللغوي لدى الأطفال التوحديين. شملت العينة 30 طفلًا كعينة استطلاعية و10 أطفال كعينة تجريبية. استند البرنامج إلى مجموعة من الأنشطة التربوية مثل الألعاب والممارسات اليومية بهدف تحسين مهارات الاتصال اللغوي. أظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في مهارات الاتصال، مع التركيز على التقليد والفهم والانتباه.
دراسة Nathaly Buhaghiar (2005)
استهدفت الدراسة البحث عن أفضل الأساليب لعلاج اضطراب التوحد والمشاكل التي تواجه المعالجين. شملت عينة البحث مجموعة من الأطفال في سن ما قبل المدرسة، وركزت على استخدام أساليب علاجية متعددة مثل العلاج بالعمل، العلاج السلوكي، والعلاج بالأنشطة المصورة. أشارت النتائج إلى أن تلك الطرق حققت نجاحًا ملحوظًا في تحسين حالة الأطفال التوحديين.
دراسات أخرى حول العلاج باللعب للأطفال التوحديين
دراسة رويلرز، هـ: Roeyers, H (1999)
هدفت هذه الدراسة إلى تحسين التفاعل الاجتماعي والانفعالي للأطفال التوحديين من خلال دمجهم مع أطفال أسوياء في بيئة مدرسية. تضمنت العينة 85 طفلًا توحديًا و85 طفلًا عاديًا. تم تقسيم مجموعة الأطفال التوحديين إلى مجموعتين، إحداهما تلقت البرنامج العلاجي القائم على الدمج مع الأطفال العاديين، والأخرى لم تدخل في البرنامج. النتائج أظهرت تحسنًا كبيرًا في التفاعل الاجتماعي والانفعالي لدى الأطفال التوحديين الذين شاركوا في البرنامج.
دراسة سهي أحمد أمين (2001)
هدفت هذه الدراسة إلى تقييم فاعلية برنامج علاجي لتنمية الاتصال اللغوي لدى الأطفال التوحديين. شملت العينة 30 طفلًا كعينة استطلاعية و10 أطفال كعينة تجريبية. أظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في مهارات الاتصال اللغوي خاصة في مهارات التقليد، الفهم، والانتباه لدى أطفال العينة التجريبية بعد تطبيق البرنامج العلاجي.
دراسة Nathaly Buhaghiar (2005)
هدفت الدراسة إلى استكشاف أفضل الطرق لعلاج اضطراب التوحد. شملت العينة مجموعة من الأطفال التوحديين في سن ما قبل المدرسة، وركزت على استخدام عدة طرق علاجية مثل العلاج بالعمل، العلاج السلوكي، والعلاج بالأنشطة المصورة. أظهرت النتائج أن هذه الأساليب العلاجية حققت نجاحًا ملحوظًا في تحسين حالة الأطفال التوحديين وتطوير مهاراتهم الاجتماعية والتواصلية.
دراسة جيمس بال: Ball, James (1996)
هدفت الدراسة إلى تقييم أثر التدخلات العلاجية باستخدام أقران طبيعيين على تحسين التفاعلات الاجتماعية للأطفال التوحديين. ضمت العينة 8 أطفال توحديين في مرحلة ما قبل المدرسة وتم دمجهم مع أطفال عاديين في نفس الفئة العمرية. النتائج أظهرت تحسنًا ملحوظًا في مهارات التواصل، اللعب التخيلي، والمهارات الاجتماعية للأطفال التوحديين.
دراسة إسماعيل محمد بدر (1997)
استهدفت الدراسة استكشاف فعالية برنامج "العلاج بالحياة اليومية" في تحسين حالات الأطفال التوحديين. اعتمد البرنامج على خمسة مبادئ أساسية تشمل التعليم الموجه للمجموعة، الأنشطة الروتينية، وتقنيات خفض النشاط غير الهادف. تكونت العينة من 4 أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و8 سنوات، وأظهرت النتائج تحسنًا كبيرًا في سلوك الأطفال المشاركين.
الختام
في النهاية، تظهر هذه الدراسات الدور الفعال للعلاج باللعب، سواء باستخدام الألعاب التقليدية أو الإلكترونية، في تحسين التواصل الاجتماعي والمهارات الانفعالية لدى الأطفال التوحديين. كما يتبين من خلال نتائج الأبحاث أن الدمج بين الأساليب التربوية المتنوعة والألعاب الإلكترونية يمكن أن يكون أكثر فعالية في تحسين مهارات الأطفال التوحديين الاجتماعية والعاطفية.